أخبار الشرق الأوسط
سوريا … غموض المشهد
يبدو المشهد السوري ضبابيا مع تزايد الغموض بشأن تشكُّل ملامح الفترة المقبلة
مع سقوط نظام دموي إجرامي بانت عورته الكرتونية وضعف كل الديكتاتوريات المُشابهة التي سقطت من قبل، فتوضّح للعالم أن الأمر ليس إلّا استضعاف للمواطنين العُزل وحفظ الكرسي على جبال من الجماجم وأنهار من الدماء، كما ظهر جازما أن المُراهنة على المُساندة الخارجية لدعم هذه الاستدامة لم تكن يوما ذات جدوى، إذ سرعان ما تسقط كل هذه الحماية مع بزوغ اتفاقيات وتوازنات جديدة، فتكون مصلحة المستعمر السابق رهين سياسات المستعمر الحالي
وسوريا ما تزال تعاني من تداخل الأطراف المُتصارعة، وهي الدول المعنية بالحضور العسكري المُباشر أو بالوكالة عن طريق الجماعات والميلشيات، كما أن الوضع الإقليمي يفترض بقاء اللاعب الفارسي لاستحالة تحييده بالكليّة
كل هذه التعقيدات تسير بالتوازن مع فرحة شعب استطاع تنفس الصُعداء وأخذ فترة هدنة وراحة من التنكيل والإبادة التي تعرّض لها طويلا من الأسد الأب الذي كان له حظا أوفر من ابنه بشار في الإفلات من المحاسبة عن المجازر المُرتكبة في حق الشعب السوري، رُبّما لأنّه كان فعلا يحكم البلاد ويمسك بزمام الأمور عكس ابنه الذي أُتي به على عجل ليكون دُمية عرض وتصدي في واجهة حكم اقتسمها جنرالات الجيش وضباط المخابرات على رأسهم أخيه ماهر الأسد في مرحلة أولى قبل أن يقتسم البلاد كل من الجانبين الإيراني والروسي
لا يمكن الحكم الآن أو حتّى التوقع لما هو آت، لكثرة التناقضات، وسرعة نسق الأحداث خاصة وأن القيادة الحالية هي مجرّد بيدق مؤقت سيتم إزاحتها عن المشهد أو تصفيتها لترك المجال للشخص الذي سينصره الطرف الأقوى في الصراع بين الدول على الكعكة السورية
ويبقى السؤال قائما، ما هي الانعكاسات السياسية للوضع السوري على العراق الذي يقف على فوهة بركان من الاضطرابات المنتظرة وعلى حقيقة ميدان المعركة الفلسطينية خاصة بعد دخول قوات عباس بكل ثقلها لمساندة الجانب الإسرائيلي في قمع وسحق المقاومة؟
